-->
رسائل و اطروحات وكتب قانونية
»نشرت فى : الثلاثاء، 5 ديسمبر 2017»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

القانون الضريبي : الدور الاقتصادي للضريبة


 الدور الاقتصادي للضريبة
إذا كانت الضريبة قديما من حيث الممارسة ومن حيث كونها أداة في يد الدولة لتغطية أعبائها، فإن اللجوء إليها كسياسة اقتصادية يعتبر حديثا نسبيا إذ يعود إلى التحول الحاصل في طبيعة مهام الدولة من كونها حيادية إلى متدخلة في الحياة الاقتصادية.
وهكذا فإن فرض الضرائب لم يعد مكنة للجباية بقدر ما هو تأكيد من جهة لمعنى الدولة الحديثة وحدود سلطانها في تسيير دواليب الدولة، وفي تدبير الشأن العام ومن جهة أخرى الحفاظ على حقوق الأفراد .
تستعمل الضرائب من طرف السلطات العمومية بكثافة من أجل التأثير في سلوك المقاولات الأفراد، والمساهمة بالتالي في تحقيق الأهداف المتعددة للسياسة الاقتصادية. ومن هنا فقد أصبح من الطبيعي منح دور اقتصادي للضريبة سواء على المستوى الظرفي أو الهيكلي.
إن الدور الاقتصادي للجباية يتجسد أساسا بالنسبة للدول المتخلفة في الإنعاش والتحفيز على الاستثمارات، رغم أن الدول ذات الاستراتيجية الوسيطة للتنمية لا تعطي لسياسة التحفيز إلا مكانة ثانوية في إطار عملية تحريك النشاط الاقتصادي، لأن الاستثمارات الأساسية تتحملها الدولة، وبالمقابل فإن الدول المختلفة ذات التوجه الليبرالي كالمغرب ، تضع آ مالا كبيرة في إجراءات التشجيع من أجل تنمية الاستثمارات الخاصة والتي تعتبرها – الدولة- أساسية في مجهودات البناء الاقتصادي الوطني ومنه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
هذه التنمية تتم في إطار مسلمة ثلاثية :
* التقدم الاجتماعي ناتج عن التطور الاقتصادي ؛
* التطور الاقتصادي ناتج عن نمو الناتج الوطني الاجمالي ؛
* نسبية نمو الناتج الوطني الاجمالي ناتجة عن نسبة تراكم الرأسمال .
وهو ما سيجعل الجباية في خدمة التراكم – حسب ـJ.Percebois – وهذا التراكم لا يمكن تحقيقه بدون دعم الاستثمار .
فنهج سياسة ثنائية التدخل الجبائي والتنمية تستدعي أولا الانطلاق من توضيح أي شكل من السياسة الجبائية في خدمة أي شكل من التنمية. مع ان الكتاب اختلفوا في تحليد الهدف الاساسي للضريبة حيث يرى البعض] أنها وسيلة لتغطية نفقات الدولة التي لا يجوز عبرها التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلا أن البعض مثل " P.M Gaudemet" يرى أن للضريبة دورا ماليا وآخر اجتماعيا واقتصاديا، إلا أن قسما آخر من المفكرين مثل" Fontaneau" يؤكد على أن الدور الاساسي للضريبة ليس ماليا بل اقتصاديا .
خاصة وأن للضريبة جانب اقتصادي هام يمكن تلخيصه فيما يلي :
- المساهمة  في تغطية النفقات العامة ؛
- تعتبر إحدى أدوات السياسات المالية التي تعتمد عليها الدولة في تحقيق أهدافها ومنها :
* تحقيق الاستقرار الاقتصادي ؛
* تشجيع الأنشطة الاقتصادية عن طريق التقليل من نسبة الضريبة المفروضة على القطاعات المعنية بممارسة هذه الأنشطة، وقد تلجأ الدولة أحيانا إلى إعفاء هذه القطاعات من دفع الضريبة ؛
* حماية القطاعات المحلية وتشجيع الاستهلاك الوطني ويتم ذلك عن طريق زيادة الضرائب الجمركية على السلع المستوردة .
هذا في ظل تفاعل متبادل، إذ أن الهيكل الضريبي بدوره يتأثر بعدد من المحددات الاقتصادية، وهكذا نجد أن الهيكل الضريبي يتأثر من جهة بالانتاجية الاقتصادية، ومن جهة أخرى بأسلوب الإنتاج وهذا التوجه قد أكد عليه "موريس لوري". فالجباية في هذا الإطار تقوم على العناصر الاقتصادية التي تستقر عليها والتي تشكل المادة الخاضعة للضريبة، فطبيعة وأهمية هذه العناصر تحدد أشكال وحدود الاقتطاعات الممكنة ، كما أن التنمية الاقتصادية تضاعف من وجود المادة الخاضعة للضريبة وتجعلها أكثر تنوعا.
وتبعا لذلك، فكلما ارتفع الدخل الوطني وازداد عدد المكلفين بالضريبة كلما  خضع قسما من هذه الموارد للضريبة على الدخل، كما أن مردودية الضرائب على الإنفاق تتزايد عقب تضاعف المبالات وارتفاع القيمة المضافة للمنتوجات المتبادلة.
هذا في حين ان التهرب الضريبي يؤثر على التخطيط الاقتصادي الذي يهدف إلى الرقي والتنمية، كما أنه يصبح سبيلا من سبل التضليل وتشويه الحقائق وتقديم معلومات خاطئة حول النشاط الذي يقوم به الملزم بالضريبة وأحيانا يلجأ إلى تغيير طبيعة المواد المستعملة في الإنتاج عبر عدة آليات كالتظاهر بالخسارة،
أو قد يتجه الملزم إلى أنشطة اقتصادية تعرف إعفاءات ضريبية أو انخفاضا في الأسعار الضريبية مما سيعيق الوسيلة الجبائية لدى الدولة كأداة لتوجيه الاقتصاد الوطني .
فالتهرب الضريبي إذن، له تأثير سلبي على الاقتطاعات الضريبية التي تحتل مكانة هامة بالنسبة لمداخيل الميزانية العامة  ويبقى عائقا يحول دون تحقيق الدور الذي تقوم به الضريبة، نظرا لإفشاله كل أساليب إعادة التوازن الاقتصادي فمثلا نجد الحالة التي تتميز بها الدورة الاقتصادية بالتضخم إذ يكون الطلب أكثر من العرض وهنا تقوم الدولة إما بالرفع من الأسعار أو بالزيادة في ثمن المنتوجات أو عن طريق فرض ضرائب أخرى جديدة أو رفع سعر الضرائب القديمة من أجل امتصاص القوة الشرائية للملزمين.
كل هذا إذا ما كان مقرونا بالتهرب الضريبي، فلن يؤدي إلا إلى الزيادة في حدة الأزمة الاقتصادية، لأن الملزم حينما يتهرب من الضريبة ترتفع قدرته المالية ومن ثمة الابقاء على قاعدة الطلب يفوق العرض.
 ويبقى التهرب الضريبي، كرد فعل على الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الملزم ويرى في الإمساك عن تقديم واجباته الضريبية إلى الإدارة الجبائية حقا مشروعا مادام ذلك يحافظ على توازناته المعيشية .






    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : droit-org, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة الشأن القانوني مدونة الشأن القانوني 2017 - 2020