-->
رسائل و اطروحات وكتب قانونية
»نشرت فى : الأحد، 29 أكتوبر 2017»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

سلسلة شرح القضاء الاداري الجزء الثاني



القضاء الاداري في عهد الحماية

يمكن القول بصفة اجمالية ان مبدا القضاء الاداري الذي احدثته سلطات الحماية كان محدودا جدا وكان في معظمه سابقا للسياسة العامة التي طبقتها السلطات الاستعمارية، وقد تجلت اهداف الحماية الفرنسية في قرار مبدا القضاء الاداري من انها لم تنقل الى المغرب مبدا ازدواجية القضاء الذي اقرته لديها بشكل نهائي منذ انشاء القضاء المفوض بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي عن طريق قانون 24 ماي 1872 .

ولقد طبقت فرنسا على المغرب النظام القضائي الذي سبق ان اختارته لتونس عن طريق مرسوم 27/11/1888 والذي جاء الظهير المغربي المؤرخ في 20 غشت 1913 الخاص بالتنظيم القضائي لا يختلف عنه في جوهره وشكله بصفة عامة .

وهكذا جاءت المادة الثامنة من ظهير 12 غشت 1913 تنص على انه : " في المواد الادارية تختص جهات القضاء الفرنسي المنشاة في امبراطوريتنا وذلك في حدود الاختصاص الممنوح لكل منها بنظر جميع الدعاوي التي تهدف الى تقرير مديونية الادارات العامة التي امرت بها، او بسبب جميع الاعمال الصادرة منها والضارة بالغير، وتختص نفس الجهات بنظر الدعاوي المرفوعة من الادارات العامة على الافراد وتمثل الادارة امام القضاء بواسطة احد موظفيها، ولا يجوز لجهات القضاء الحديث ان تامر سواء بصفة اصلية او تبعا لدعوى منظورة امامها عن الدعاوي التي سبق ذكرها باي اجراء من شانه ان يعطل او يعرقل نشاط الادارات العامة سوءا كان ذلك بتعطيل تنفيذ اللوائح التي اصدرتها او الاشغال العامة او بتعديل طريقة او مدى تنفيذها، كما يمنع عليها ان تنظر في طلبات الغاء قرار اصدرته الادارة دون الاخلال بحق صاحب المصلحة في تظلم بطريق الالتماس من جهة الادارة التي لها وحدها ان تعدل من القرار الذي يمس بمصالحه، وكون الاحكام الصادرة في المسائل الادارية قابلة في جميع الاحوال للطعن فيها بالاستئناف ولا يجوز الطعن فيها بالنقض، الا بناء على تجاوز المحاكم لسلطتها بسبب مخالفة الفقرتين الرابعة والخامسة وفي هذه الحالة يرفع النقض مباشرة بوساطة النيابة العامة ويترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم ويكون البطلان الذي تنطق به محكمة النقض حجة على جميع اطراف الخصومة .

وليس خاف ان السلطات الحماية جاءت اساس لخدمة المصالح الاستعمارية واشخاص عهد اليهم بتنفيذ هذه السياسة الاستعمارية وتبعا لذلك لقي هؤلاء امامهم جميع التسهيلات من قبل الادارة بما في ذلك فتح ابواب القضاء لمقاضاة الادارة اذا ما الحقت بهم اضرارا، وبما ان نشاط هؤلاء كان محدودا او مركزا في بعض الميادين المهمة التي كانوا يسيطرون عليها وحدهم دون الرعايا المغاربة، لذلك جاء الفصل الثاني من ظهير 12/8/1913 الخاص بالتنظيم القضائي مقتصرا على ثلاثة ميادين تدخل في اطار القضايا الادارية والتي يمكن مساءلة الادارة بشانها وتتجلى في التعويض عن الاضرار الناجمة عن العقود التي تبرمها الادارة وعن الاشغال العامة التي تامر بها، وعن المسؤولية الناتجة عن الاضرار التي تتسبب فيها الادارة .

ونشير انه في جميع الاحوال لم تكن تلك المحاكم العصرية[4] مختصة بالنظر في طلبات الغاء القرارات الادارية، كما انها لم تكن مختصة بل يحظر عليها اصدار اوامر الى الادارة او عمل ما من شانه ان يؤدي الى عرقلة او تعطيل نشاطها .

ما يهمنا من كل هذا هو ان النظام القضائي الذي وضعته الحماية عمل على تمييز القضايا الادارية عن غيرها، وبالتالي حمل الادارة مسؤولية الاضرار الناتجة عن تسير ادارتها، وعن الاخطاء المصلحية لمستخدميها[5].

هكذا نستنتج ان المحاكم في عهد الحماية باختلاف انواعها كانت محرومة من النظر في دعاوي الغاء القرارات الادارية او بطلب تنفيذها، وان كان ممكنا طلب التعويض عن القرارات الادارية او بطلب تنفيذها، او طلب التعويض عن بعض اعمال الادارة اذا الحق ضررا بالغير، كما تم وبصفة استثنائية ونتيجة لبعض التذمرات التي عبر عنها الموظفون العموميون الفرنسيون الذين يعملون بالمغرب سمحت سلطات الحماية لهؤلاء وفق ظهير فاتح شتنبر 1928 بتقديم دعوى الالغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ضد القرارات المرتبطة بنظامهم الاساسي، وذلك امام مجلس الدولة الفرنسي كما فعلت في السابق بالنسبة في تونس في سنة 1926 .

اذن يمكن ملاحظة ان المبدا العام في عهد الحماية هو انعدام دعوى الالغاء ووجود امكانيات جد محدودة، عن طريق الطعن الاستعطافي الموجه الى المقيم العام او عن طريق فحص الشرعية بشروط معينة، وبذلك لم تسمح فرنسا للمغرب الا بالقضاء المحجوز الذي كانت تعرفه فرنسا في عهد الادارة القضائية والذي تخلت عنه بصفة نهائية بصدور قانون 24 ماي 1872 .

وما يجب التاكيد عليه هو ان القضاء المغربي قد استقر على وجوب تطبيق قواعد قانونية متميزة عن قواعد القانون الخاص في المواد الادارية وبغير شك يؤكد الاستاذ محمد موغيني ان هذه القواعد كانت مستمدة من اجتهادات القضاء الاداري في فرنسا، كما استعين في تفسير هذه النصوص بالاوضاع القائمة في تونس التي وجدت في ظروف واوضاع متشابهة ولكنها اسبق في وضع نظامها القانوني .

والخلاصة التي يمكن ان نسجلها على التطور الفعلي للقضاء الاداري بالمغرب خلال فترة الحماية يتجلى في ثلاث نتائج مرتبطة :

1)
بازدواجية القانون لكن مع واحدة القضاء .

2)
باستمرار الادارة القاضية او المقيم العام القاضي بالنسبة لدعاوي الالغاء .

3)
بتحديد مجالات الادارة

ورغم محدودية هذا التطور فانه لا يمكن ان ننكر انه تطور بالنسبة لما كان عليه الوضع قبل الحماية، يمكن القول انه كان تمهيدا للتطور الذي عرفه القضاء الاداري بعد الاستقلال سيما منذ انشاء المجلس الاعلى بمقتضى ظهير 27 شتنبر 1957

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : droit-org, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة الشأن القانوني مدونة الشأن القانوني 2017 - 2020