-->
رسائل و اطروحات وكتب قانونية
»نشرت فى : الأحد، 10 ديسمبر 2017»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

مدى إمكانية تصحيح مخالفة الترخيص في مجال التعمير



 مدى إمكانية تصحيح مخالفة الترخيص في مجال التعمير

إن التساهل الذي عرفه مجال التعمير في المغرب سواء من جانب الإدارة على شكل تنازلات، والذي يجب على القضاء الزجري عدم الإعتداد به لأنه لا يشكل حجة مبررة أو عذرا مقبولا، خصوصا إذا كان القصد من ورائه هو محاباة بعض المخالفين الذين تربطهم علاقات خاصة بالإدارة كما أنه لا ينبغي الإعتداد بالتنازل عن الدعوى إذا انصرم الأجل المنصوص عليه في القانون، حيث إن هذا التنازل يضع حدا للمتابعة الإدارية ولا يجب أن يمس الدعوى العمومية باعتبارها حق للمجتمع، أو من جانب القضاء نفسه بحجة ملائمة العقوبة مع درجة خطورة المخالفة والتخلي عن المتابعة بمجرد تقديم التنازل من طرف المجلس الجماعي، إضافة إلى عوامل أخرى مثل تعدد الشكايات وتشعبها وتداخل المخالفات المبينة فيها وما يؤديه ذلك من اكتظاظ الملفات، وتفاقم الصعوبات على المحاكم العادية، وكذا غياب بعض البيانات الأساسية من محاضر المعاينة والتكييف الخاطئ للمخالفة من قبل الموظفين المكلفين بضبطها... .
وهذا التساهل يجد مبرره في القانون نفسه خصوصا المادة 67 من قانون التعمير رقم 90-12، التي أعطت الحق لرئيس المجلس الجماعي في التنازل عن الشكوى أو استمرارها، وإن كانت تتحدث عن أفعال يمكن تداركها وتصحيحها لكونها لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء التي جرى انتهاكها، فالمادة 67 تتحدث عن المخالفة التي قام المخالف بتصحيحها داخل الأجل المحدد له، حينها يمكن التنازل عن المتابعة من قبل رئيس المجلس الجماعي وسحب الشكاية، لكن ما هي المخالفات التي لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء، وما هي المعايير التي يجب على رئيس المجلس الجماعي الإستناد عليها للقول بخطورة المخالفة من عدمه؟!
إن عدم دقة النصوص القانونية والتأويلات المختلفة التي يمكن لرئيس المجلس الجماعي إعطائها للقانون للقول بخطورة الفعل من عدمها، إضافة إلى ما يخلفه من إخلال بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون ومبدأ عمومية وتجريد القاعدة القانونية، والتساهل الممنوح سواء من جانب الإدارة أو القضاء، هو ما دفع بالمشهد العمراني المغربي إلى التدهور، حيث إن المخالفة لم تعد محصورة في نطاق ضيق بل أصبحت تتسع لتشمل أحياء ومدن عديدة، وهكذا ظهرت الأحياء العشوائية والأحياء ناقصة التجهيز، فعلى سبيل المثال بالجهة الشرقية في عمالة وجدة أنكاد يوجد 140 حي ناقص التجهيز، وفي مدينة بركان 74 حي ناقص التجهيز، أما مدينة تاوريرت فتشمل 58 حي ناقص التجهيز، ومدينة جرادة وفكيك فنصيب كل واحدة منهما على التوالي 52 و66 حي ناقص التجهيز، وهو ما دفع بالوكالة الحضرية بالجهة الشرقية إلى إعداد أربع تصاميم التقويم (تصاميم إعادة الهيكلة) لتلك الأحياء داخل كل سنة ابتداء من 2007 إلى غاية 2010، عملا بمقتضيات الباب الثاني من قانون 90-25 في إعادة هيكلة التجزئات غير القانونية .
فهل نتسامح في المخالفة عندما تكون في المهد ويكون من السهل القضاء عليها أو تصحيحها، ونترك الأمر إلى حين تصبح المخالفة البسيطة عبارة عن خطر حقيقي يهدد المجال العمراني ويتسبب في خسارة مادية كبيرة إضافة إلى إهدار الوقت الذي نحن في حاجة إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى؟ ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إنه في بعض الأحيان تكون الجهات التي أوكل إليها المشرع منح الترخيص الإداري ومراقبة مدى تطبيق مقتضيات وضوابط تلك التراخيص هي المسؤولة عن مخالفات التعمير وذلك بمنح رخص مخالفة لضوابط التعمير.

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : droit-org, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة الشأن القانوني مدونة الشأن القانوني 2017 - 2020