-->
رسائل و اطروحات وكتب قانونية
»نشرت فى : الأربعاء، 6 ديسمبر 2017»بواسطة : »ليست هناك تعليقات

القانون الضريبي : النشأة الأولى للضريبة



   النشأة الأولى للضريبة

  لقد مرت الضرائب من مجموعة من المراحل من مرحلة عدم التقنين الى مرحلة التقنين ، وقد عرفت خلال هده المراحل مجموعة من التقلبات فلم يعرف العالم ضريبة واحدة فقط بل الضرائب تتغير من عصر الى اخر ،وتتغير ايضا بتغير دور الدولة ووظائفها، فعندما يثار موضوع القانون الضريبي تثار معه عدة أسئلة هامة .
العصر الفرعوني: عرفت مصر الضرائب منذ أقدم العصور، قد عرفت خلال عهد الفراعنة ضرائب مباشرة و غير باشرة، ففرضت ضرائب مباشرة على دخل الثروة العقارية و الثروة المنقولة، على أساس إحصاء للسكان و الأموال كل سنتين، و كانت الضريبة تلحق بالدخول تبعا لأهميتها و لمقدار الرأسمال، و اتخذت شكل جزية الرؤوس و شكل السخرة ،ويعفى منها الكهنة و الموظفون، و كانت تعد قوائم للمكلفين و يحصر وعاء الضريبة تارة بواسطة السلطة المركزية و تارة أخرى بواسطة السلطات المحلية.
كذلك عرف نظام الضرائب الفرعوني الرسوم الجمركية، من خلال البضائع المستوردة من الخارج، كما عرف ضريبة التركات و كان سعرها مدرجا و يتراوح ما بين 5% أو 10%.
العصر اليوناني: إزدادت النفقات في العصر اليوناني الذي بدأ منذ سنة 323 قبل الميلاد نظرا لمخصصات العائلة المالكة و مرتبات الموظفين اليونانيين الكبير، أما الضرائب فقد رفعت عن اليونانيين و زيدت على المصريين، حتى أنها كانت تستنفد الجزاء الأكبر مما لديهم من المال، و كان أهم الضرائب في ذلك العصر الضرائب المفروضة على الحدائق، و بخاصة الكروم و الرسوم الجمركية، و رسوم الدخولية التي كانت تفرض على السلع عند انتقالها من مدينة إلى أخرى. بالإضافة إلى ذلك احتفظت الدولة لنفسها باحتكار انتاج عدة سلع و بيعها للتجار بأسعار مرتفعة، و كانوا بدورهم يبيعونها للجمهور بأثمان باهضه، أما السلع الأخرى التي لا تحتكر الدولة إنتاجها فكانت تفرض على مبيعاتها ضريبة مرتفعة تستعرف جزءا كبيرا من الثمن فلا تترك للمنتج سوى ربح بسيط، هذا إلى جانب حق الدولة في مصادرة هذه السلع و الاستيلاء عليها.
العصر الروماني: لما فتح الرومان مصر في سنة 31 قبل الميلاد احتفظوا بنظام الضرائب الذي كان موجودا في العصر اليوناني، بل أنهم يأثروا به أنفسهم فنقلوا بعضه إلى نظام ضرائبهم، و من ذلك ضريبة التركات التي فرضوها بصفة دائمة منذ السنة 6 بعد الميلاد بمعدل 5% من التركة و ظلت هذه الضريبة قرونا عديدة مطبقة في الامبراطورية الرومانية حيث انتقلت منها بعد ذلك إلى النظم الضريبية الحديثة.
  العدالة الضريبية في النظام الاسلامي

ولد النظام الضريبي الاسلامي بعد سنوات قليلة من ظهور الدعوة الاسلامية وقد وضع اسسه الخليفة عمر بن الخطاب، يقوم هدا النظام على فكرة العدالة في توزيع الاعباء العامة بين رعايا الدولة الاسلامية فالزكاة تفرض على الاغنياء اما الفقراء فهم يعفون منها و هم اصحاب حق فيها. و الجزية تفرض في كثير من الاحيان بشكل متدرج يتفق مع الطاقة الاقتصادية للمكلف. و الخراج ياخد بعين الاعتبار القدرة الانتاجية للارض. و قد عرفت كل انواع هده الضرائب عدة تطورات من بعد عهد الخلفاء الراشدين  .

اولا : الزكاة
·       تعريفها
و هي اول ضريبة  في الاسلام طبقت اعتبارا من العالم الثاني لهجرة الرسول الكريم. الزكاة صدقة. يقول تعالى :" خد من اموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها ...''. ولما كان الفعل (خد) في صيغة امر تصبح اجبارية. و يقول تعالى ايضا:   " انما الصدقات للفقراء و المساكين...". اي ان الزكاة للفقراء و المساكين. و يقول الماوردي " الصدقة زكاة و الزكاة صدقة . يفترق الاسم و يتفق المسمى "  فلا مجال لتفرقة بين الزكاة و الصدقة.
و بما ان الزكاة فبها عنصر الالزام فهي تشبه من هده الزاوية الضرائب المعروفة حاليا الا ان لهما عدة فوارق من بينها:
1.   و قد فرضت الزكاة لتحقيق عدة اهداف من اهمها تقليل الفوارق بين دخول الافرادفي حين الضريبة لها هدف اساسي و هو تمويل نفاقاتها
2.   لا يجوز الغاء الزكاة بكونها ركن اسلامي في حين يمكن للدولة متى دعت الضرورة الغاء ضريبة من ضرائبها.
3.   الزكاة تفرض على الاغنياء فقط اما الضريبة فيمكن ان تفرض عليهما معا ( الضرائب على الاستهلاك).
4.   الزكاة تفرض على الدخول و راسمال في حين الضريبة تفرض على احدهما فقط.
كما ان من بين شروط الواجبة في المكلف بالزكاة ان يكون مسلما حتى يكون اهلا للتكليف بلوغه و سلامة عقله و حريته .
·       المادة الخاضعة لزكاة
كقاعدة عامة تخضع للزكاة جميع الاموال مهما كان مصدرها و نوعها يقول تعالى : " خد من اموالهم صدقة و المال يشتمل على دخل العمل و دخل راسمال و الدخل المختلط من العمل و راسمال. غير انها هده الاموال لا تخضع للزكاة الا ادا توفرت ثلاث شروط اساسية :
1.   المال الخاص : بمعنى ان يكون ملكا للانسان بوسيلة او باخرى من وسائل التملك. فان لم للمال مالك لا زكاة فيه و ان كان المال داخلا في ملكية  جماعية لا زكاة فيه ايضا.
2.   المال الحلال :  لا تخضع للزكاة الاموال المملوكة ملكا غير مشروع . فلا زكاة في الاموال المختلسة او المسروقة او المزورة و لا زكاة في الاموال المتاتية من الربا و الرشوة و الغش.
3.   حولان الحول :اي ان يمر على الامتلاك المال 12 شهرا قمريا .
·         الاعفاءات من الزكاة
الزكاة و ان كانت واجبة على كل مسلم غير انها تعرف اعفاءات كثيرة لأسباب شخصية و اجتماعية و مالية.
1.                اعفاء الحد الادنى الضروري للمعيشة أي ان الضريبة العادلة لا تفرض على مال الفرد دون النظر الى حجمه و بغير دلك تتعرض حياته للخطر. أي ان الزكاة ضريبة شخصية لا ضريبة عينية.
2.                اعفاء اللوازم الشخصية كالملابس و الاثاث المنزلية.
3.                اعفاء الديون الميتة أي الديون التي لا يمكن استرجاعها
4.                اعفاء ما يستخرج من البحر من جواهر و لؤلؤ و مرجان و عنبر (الحنفية و الزيدية)
5.                اعفاء اموال الصبي و المجنون حسب رأي بعض الفقه
بالإضافة الى هده الاعفاءات التي لم تذكر على سبيل الحصر دهب الفقه الى عدم دفع الزكاة ان لم تنفق الدولة حصيلتها على اصحاب الحقوق الشرعية ( الماوردي).
·              تقييم الزكاة
يمكن تقييم الزكاة على انها حق للبعض و واجب على بعض الاخر. انها ضريبة نسبية و سلبية كما انها تحارب الظواهر الاقتصادية السيئة.
1.   توزيع الزكاة الزكاة تؤخذ من الأغنياء لتوزع على اصحاب الحقوق حسب قوله تعالى : " انما الصدقات للفقراء و المساكين و الغارمين وفي سبيل الله و ابن السبيل فريضة من الله و الله عليم حكيم ". و الزكاة ضريبة بمفهومها الحديث لأنها ستتحصل جبرا من قبل السلطة السياسية. و تختلف طريقة توزيع حصيلة الزكاة بين حالتين :
Ø    كفاية حصيلتها في سداد حاجات جميع الاصناف ( الفقراء و المساكين و العاملون عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمون و في سبيل الله و ابناء السبيل ) و هنا في هته الحالة لا يجوز ترك صنف دون انفاق.
Ø    عدم كفاية حصيلتها في سداد حاجات جميع الاصناف و بالتالي هنا لتغطية حاجات جميع الاصناف يمكن الاخد بحلين و هما اما ان يتم توزيع الزكاة على جميع الاصناف حتى و ان لم تكن كافية لتغطية حاجاتهم او ان توزع حصيلتها على اصناف معينة دون اخرى .
2.   الزكاة ضريبة نسبية : ان سعر الزكاة لا يتغير بتغير حجم المادة الخاضعة لها .و الزكاة ضريبة من اسمى الضرائب في نطاق العدالة الضريبية و الاجتماعية غير دلك لا يعني ان نهاجم الضرائب التصاعدية و دلك بكون الضريبة التصاعدية عادلة بسبب وجود الضرائب الغير المباشرة  . و الزكاة كذلك عادلة بسبب عدم تطبيق النظام الاسلامي للضرائب غير المباشرة.
3.   الزكاة ضريبة سلبية ناجحة.
4.   الزكاة تحارب الاكتناز و دلك باعتبار الزكاة ضريبة سنوية تفرض على الموال فإنها ستقضي على المدى الطويل للاكتناز. و عليه  فمن مصلحة المكتنز ان يستثمر امواله و ينميها بدلا من ان يراها تتناقص باستمرار بالزكاة.
ثانيا:الجزية
·       تعريفها :
الجزية مبلغ من المال يدفعه الدمي لدولة الاسلامية مقابل حمايتها لشخصه و احترامها لحقوقه و بخلاف الضرائب الاخرى. يجتمع في الجزية المكلف بها و مادتها. فالمكلف بها هو غير المسلم القاطن في دا الاسلام و مادتها هي الوجود الادمي له . و مراعاة للعدالة الاجتماعية لم تفرض الاسلامية الضريبة على جميع اهل الذمة . بل اعفت منهم " الفقير و المسكين و المريض المزمن . و صاحب العاهة الجسمية و العقلية و الرهبان و المرأة و الصبي و العبد
·       جباية الجزية
بعد احصاء عدد الرجال البالغين من اهل الذمة .يرسل سنويا خطابا للجهات الادارية باستحصال الجزية . و تقوم هده الجهات باخد الجزية دفعة واحدة او بعدة اقساط ادا اقتنعت بعدم امكانية المكلف دفعها دفعة واحدة . و تاخد الجزية بالنقود و لكن يجوز ان تستحصل اموال عينية بشرط ان تكون غير محرمة و إلا تعين على اهل الذمة بيعها و دفع ثمنها بالنقود.
·       تقييم الجزية
ان الهدف الأول من الجزية  هو ترغيب الأفراد للدخول في الاسلام . فهي تسقط بالإسلام اما هدفها الثاني هو التوزيع العادل بين افراد المجتمع من مسلمين و ذميين . كما ان الجزية هي ضريبة على الرؤوس باعتبار ان كل منهما مفروض على الوجود الادمي للشخص لا على امواله . غير ان هدا لا يعني تشابه اثارهما و احكامهما. فالجزية تدفع عندما يستطيع الدمي ان يتحملها اقتصاديا. و الجزية كذلك لا يكلف بها جميع افراد اهل الذمة . و الجزية تسقط باعتناق الدين الاسلامي في حين ان الضريبة على الرؤوس لا علاقة لها بالدين . فهي تسري على الشخص مهما كان دينه.
ثالثا :الخراج
·       تعريفه
تحت الخلافة سيدنا عمر بن الخطاب اتسعت الدولة بعد فتح اراضي العراق و الشام و مصر و لقد اختلف المسلمون في امر تلك الاراضي  هل تقسم على الفاتحين ام تبقى بيد اصحابها. كان من رأي عبد الرحمان بن عوف تقسيم الاراضي على الفاتحيين . غير ان عمر بن الخطاب عارض تقسيم الارض و اقترح ان تبقى الاراضي بيد اصحابه على ان يدفعوا عنها ضريبة تسمى الخراج و قد دعم عمر رضي الله عنه موقفه هدا ان التقسيم يحرم اللاحقين من المسلمين من الاستفادة من الاراضي كما ان الخراج انما هو ايراد عام يمكن ان يمول نفقات الدولة الاسلامية التي اتسع دورها و يمكن ان ينفق على المصالح المختلفة للمسلمين. فالخراج ادن هو مبلغ محدد من المال يدفع عن جريب ( وحدة قياس المساحة) الارض المفتوحة التي تركت بيد اصحابها.
·       الاراضي الخاضعة للخراج
هناك الاراضي التي فتحت عنوة و الاراضي البلاد التي عقد بينها و بين المسلمين الصلح و هي اراضي خراجية. غير ان طبيعة الخراج تختلف باختلاف الصلح. هناك الصلح على ان يتم التنازل على رقبة الارض للسلميين بحيث تصبح الراضي مملوكة لبيت المال ولا يجوز بيعها و ان الخراج الذي يفرض عليها يكون في حكم الاجر مقابل الانتفاع بها وادا اسلم صاحب حق الانتفاع لا تسقط عنه الخراج. و هناك كذلك الصلح على ان تبقى ملكية الاراضي لأصحابها لدلك يجوز بيعها و تسقط بإسلام مالكها.
·       تقييم الخراج
ان عدالة الخراج تكمن عن عدم فرضه بسعر واحد في جميع الحالات . كما انه لا يحدد وفقا لنوع النتاج فحسب بل على اعتبارات اخرى منها خصوبة الاراضي و تكاليف الزراعة. اضافة الى عدالته في طرق جبايته اد انه يمكن سداده بالتقسيط مراعاة لظروف المكلف. و يمكن اعفاءه كليا و جزئيا في الاحوال الطبيعية السيئة. و للخراج كذلك اثار اقتصادية بحيث انه يفرض على الاراضي المزروعة و الصالحة للزراعة و دلك لتشجيع مالك الارض من استثمار ارضه. كما انه في حالة استصلاح المكلف لوسائل التي تساعده في الزراعة فهي تخصم من مبلغ الخراج المترتب عليه . و في الخير الخراج ضريبة لا تفرض على نتاج الارض بل على مساحتها.

    اضف تعليقاً عبر:

  • blogger
  • disqus

الابتسامات

0102030405060708091011121314151617181920212223242526272829303132333435363738394041424344

design by : droit-org, powered by : blogger
كافة الحقوق محفوظة لمدونة الشأن القانوني مدونة الشأن القانوني 2017 - 2020